موسوعة من خير الكلام
الاستشفاء بالرقية الشرعية
من القرآن والسنة النبوية
تقــديــم
أ. د. / إبراهيم بن سعيد الدوسري
رئيس قسم القرآن وعلومه في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
أستاذ كرسي الملك عبدالله بن عبد العزيز للقرآن الكريم
التقديم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،
وأن نبينا محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، أما
بعد:
فإن نشر الوعي الشرعي بين الناس في مجال الاستشفاء بالقرآن الكريم يُعدّ مطلبا
ضروري في هذا العصر، لأسباب كثيرة، نذكر منها: انصراف بعض الناس عن هذا المعين
الشافي، ومنها أيضا التأثر بالاتجاهات المنحرفة في الرقية ممن اتخذوها سبيلا لجمع
المال على غير وجه مشروع.
فجاء هذا الكتاب الذي بين أيدينا لأختنا الكريمة الأستاذة/ نوف بنت محمد الثنيان
لتبين حقيقة الرقية الشرعية في ضوء الكتاب العزيز والسنة النبوية الشريفة، وتبرزَ
أهميتها وآثارها، وتدحض الاتجاهات المنحرفة، وذلك وفق أسس علمية ومنهج رصين.
وناهيك عمّا امتاز به هذا الكتاب من جمع أقوال العلماء المعتبرين المشهود لهم
بسلامة المعتقد ورسوخ القِدم في العلوم الدينية، بَلْ الرجوع إلى المصادر الموثوقة
المعتمدة قديما وحديثا، والإفادة منها على أحسن وجه، وبذلك حاز هذا الكتاب قصب
السبق في دراسة هذا الموضوع وتحريره تحريرا علميا يُعتمد عليه ويُطمأن إليه، فجزاها
الله خيرا بما هو أهله، {هو أهل التقوى وأهل المغفرة}، كما أسأله ـ
جل وعلا
ـ أن يستفيد منه ويفيد كل من اطلع عليه ورجع إليه، إنه
سبحانه
ولي ذلك والقادر عليه.
والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم النبيين.
كتبه / إبراهيم بن سعيد الدوسري
رئيس قسم القرآن وعلومه في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
أستاذ كرسي الملك عبدالله بن عبد العزيز للقرآن الكريم
=-=-=-=-=-=-=-=
تقــديــم
أ. د. حمد بن ناصر بن عبدالرحمن العمار
الأستاذ في المعهد العالي للدعوة والاحتساب
بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التقديم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حمدا يليق بجلال الله
وعظمته، والصلاة والسلام على نبي الرحمة المهداة محمد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه
ومن سار على سنته واقتفى أثره إلى يوم الدين،
وبعد:
فإن الله سبحانه
جعل لكتابه الكريم المنزلة العظيمة والرفيعة كيف لا وقد جعله منهج حياة للأمة ينظم
علاقتها به سبحانه، وينظم علاقتها فيما بينها، وجاءت سنة نبينا محمد
صلى الله عليه وسلم
شارحة للقرآن ومبينة لأحكامه، وهي ترجمة عملية وتطبيقية لنظامه، وقد جعل الله
سبحانه القرآن الكريم كتاب هداية وسعادة وشفاء لما في الصدور من جميع الأمراض
والأدواء والأسقام.
وقد أحسنت الأخت
الباحثة الأستاذة: نوف بنت محمد الثنيان صنعا حينما اعتمدت في كتابها الموسوم بـ :
(من خير الكلام «الاستشفاء بالرقية الشرعية
من القرآن والسنة النبوية
») على الرقية الشرعية مما هو ثابت في
القرآن الكريم، وصحيح في السنة النبوية وأسمتها خير الكلام ودعمتها بالأذكار
المشروعة التي هي عبارة عن الحصن الحصين لكل مسلم ومسلمة، وقد أحسنت فيما كتبت
وجمعت، وقد استفادت من أمهات الكتب والمراجع العلمية ووظفت بعض الدراسات السابقة
توظيفا حسنا وعنيت بالتوثيق العلمي، وأسندت الأقوال إلى أصحابها، وامتازت بأدب
الكلام وحسن العرض، أسأل الله أن يجزيها خيرا، وأن يكتب النفع بهذا الكتاب لكل من
قرأه واطلع عليه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
كتبه الفقير إلى عفو ربه
أ. د. حمد بن ناصر بن عبدالرحمن العمار
الأستاذ في المعهد العالي للدعوة والاحتساب
بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
=-=-=-=-=-=-=-=
اطـلالــة
المؤلفة
نوف محمد الثنيان
الحمد لله رب العالمين، والصلاة على سيد الخلق والمرسلين.. وسبحان من جعل في القرآن
شفاء للناس حتى من أنفسهم...
أما بعد.. فقد حاولنا من خلال الصفحات الآتية أن نسافر برحلة نفسية علمية في آيات
الكتاب الحكيم، لنتبع في آياته قدرة الله
سبحانه وتعالى
على قراءة النفس التي خلقها بكل ما يعتريها من تقلّبات ومخالجات ومعالجتها بكلامه
جلّ شأنه ليترك لها تدبّرها فيه واستخراج ما يشفيها منه، من منطلق قوله
عز وجل
في محكم كتابه (وإذا
مرضت فهو يشفين )
(1)
وقوله
تعالى
(وَنُنَزِّل
مِنْ الْقُرْآن مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَة لِلْمُؤْمِنِينَ2) فعداوة الشيطان للإنسان عداوة أزلية منذ آدم
عليه السلام
إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ونحن كـ مؤمنين مستهدفين من قِبل الشيطان
وأتباعه، بالوسوسة، والغواية وغايته ايقاع الإنسان في الضلالة ومحاولة فرض طاقة
سلبية على جسم الإنسان تستقطب لحياته كل أجواء القلق والأحباط والظلمة وحزن النفس
ونكد العيش والبعد عن الله، ليسهل عليه التحكم والسيطره، فمعظم منافذ الأمراض
النفسية وبعض الأمراض العضوية التي تصيب النفس البشرية عن طريق المس والسحر والحسد
والعين، والقرآن الكريم الذي جاء معجزًا في نظمه، كما هو معجز في أحكامه مليء
بمواطن الشفاء والاستشفاء من أول الحمية (الرقيا) حتى آخر منافذ الشياطين لنفوسنا
بما يتضمنه من آيات الحق تشمل التوحيد والإخلاص لله
سبحانه وتعالى،
والترغيب برحمته وجنته، والترهيب من سخطه وعقوبته، والتذكير بنعمة القرآن العظيم
للاعتصام من غواية الشيطان ودسائسه.
=-=-=-=-=-=-=-=
(1)
سورة الشعراء، الآية: 80 .
(2) سورة الإسراء، الآية: 82 .
ولقد استعنت في تحقيق وتصحيح مصادر معظم الأحاديث النبوية التي وردت في كتاب (من
خير الكلام) من (موسوعة كنوز رياض الصالحين) والإستفادة من الأحاديث ذات العلاقة في
شروحاتها الأدبية والفقهية والدعوية والتربوية بمضامينها الثرية، لتميّزها
واشتمالها على كافة أحاديث رياض الصالحين وشرحها بمنهج علمي وبأسلوب يناسب العامة
والخاصة، لا سيما الدعاة إلى الله وطلاب العلم كما أشار لذلك رئيس الفريق العلمي
للموسوعه أ. د. حمد بن ناصر بن عبدالرحمن العمار في مقدمة الكتاب، والتي تُعدّ من
أمهات الكتب ومن العلامات الفارقة التي نعتّد بها في عصرنا الحاضر.
ونظرًا لأهمية الرقية الشرعية والاستشفاء بها بإذن الله والتي هي محور هذا البحث،
وجدت أنها حُظيَت باهتمام وعناية الكثير من أهل العلم التي وردت فيها كتب كثيرة،
وأهمها ما ورد في الأحاديث النبوية عن التحصين والرقية العلاجية والتي اعتنى بها
مختصون وباحثون أيضا في هذا المجال منهم أحد المحرضّين لي بشدّه للأقدام على عمل
هذا البحث والتنقيب عن كل مصادره وتفاصيله، بعد قراءة (موسوعة شرعية في علم الرقى –
تأصيل وتقعيد في ضوء الكتاب والسنّة والأثر)، المؤلف والباحث الفاضل الشيخ أبو
البراء ياسين المعاني والتي يتلخّص مضمونها أنها (حققت استفادة من خلال التنبيه على
عدة محاذير ونصائح وترغيبات وترهيبات والتي لا بد منها لمن يتعاطى الرقى مريضاً أو
معالجاً، كما نقلَ عدد كبيرا وكثيرا من فتاوي العلماء المتعلقة بموضوع كتبه وايضاً
حاول ان يستوعب كثيراً من الممارسات التي تقع من بعض المعالجين وبيان ما يظهر له من
حكمها شرعا، وذلك عن طريق الفتاوي منشورة أو عن طريق الاستفتاء الخطي المباشر
«وأهمية كتابه تكمن في» عدم
الاستغناء عنه خاصة لمن يمارس الرقية الشرعية ولكل مسلم يبغي الفائدة العلمية
والعملية في هذا الموضوع سواء كان عالماً أو
متعلماً أو مستفيداً)(1) ولمشاطرتي هذا الرأي وإيماني
بكثير من الموضوعات التي طُرحت في عدد من أجزاء الموسوعة، كان الاختيار لبحثي في
هذا المجال وتجميع ومحاولة تكثيف المعلومات التي تشغل المريض المٌبتلى بأحد الأمراض
الروحية، وإعطاءه كبسولة مركزّة للبدء في خطوات العلاج للاستشفاء بكتاب الله بإذنه
تعالى، ومن منطلق إيماني أيضاً بما تطرّق إليه مؤلف موسوعة علم الرقى في مقدمة
كتابه الأول بخصوص محاولة تصحيح الاتجاهات المنحرفة لدى كثير من المعالجين في
الوسائل والمقاصد المتبعة، وخاصة النظرة المادية التي أصبحت الأساس الرئيسي في
مزوالة الرقية، وكأنها مهنة من المهن التي يقتات عليها كثير من هؤلاء ويأكلون أموال
الناس بالباطل، لما تدرّه عليهم من مبالغ طائلة «وإضافة لما ذكره المؤلف من تصحيح
مفاهيم المعالج بالرقية، أرى أن الأولى أيضا أن يطّلع عليها ويعيها المريض وذويه
معاً للتوعية الدينية والعقَدية، ولتتكون الرؤية والبصيرة والدراية والفهم لعامة
الناس المهتمين لإدراك مدى التزام المعالجين بها، حتى يسهّل عليهم فرز الراقي
الحقيقي من بين المدّعين من الرقاة الشرعيين وبين السحرة والكهنة والدجالين.
كان التركيز والحرص الشديد هو الخوض في بعض القضايا المتعلّقة بعلم الرقى، وجمع كل
ما يهم الراغب في الاستشفاء بالرقية الشرعية على ضوء آيات من القرآن الكريم والسنّة
النبوية والفتاوى ذات الصلة من علماء أفاضل ومن مؤلف موسوعة علم الرقى الغنية وأراء
أساتذة ودكاترة والباحثين ومن ذوي الاختصاص والاستفادة من تجارب نفعها بإذن الله
تعالى للشفاء من الأمراض الروحية وبعض الأمراض العضوية مع ذكر الأدلة المستمدة من
كتاب الله والحرص على الأحاديث الموثّقة تحت كل عنوان وقد اجتمعت آرائهم على ضرورة
إعتماد الأساس في الرقية الشرعية رقية المريض نفسه وأهل بيته ومحارمه إذ لن يكون
هناك من هو أخلص من المريض لنفسه في رقيته ودعائه وعلاجه بإذن الله، مالم يُغلب على
أمره من صرف الشيطان له عنها، أو في حال لا يستطيع رفع الأذى عن نفسه وتدعو الحاجة
آنذاك لراقي وفق معايير شرعية محددة تحدثنا عنها بأسهاب في ثنايا هذا البحث، (سيجد
القارىء بمعية هذا الكتاب
CD
يشمل الرقية الشرعية التي اتفق على معظمها العلماء الأفاضل والتي ووردت فتاوهم
بالتفصيل في المبحث الأول، بصوت د. أ. الشيخ إبراهيم بن سعيد الدوسري حفظه الله..
رئيس قسم القرآن وعلومه في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، أستاذ كرسي الملك
عبدالله بن عبد العزيز للقرآن الكريم الذي ساهم به مشكوراً مع كل الدعوات الخالصة
والمُخلصة). كما سيجد أيضا كتيب (المختصر من خير الكلام) الذي اعتنى بالتحصين
ومايتضمنّه من آيات كريمة ودعوات مأثورة في الرقية والأذكار لسهولة حمله والتنقّل
بمعيّته، وقد عرجنا بكم على العلامات التي يُستدِل بها على طبيعة الأمراض الروحية
مدعّمة بأقوال العلماء والباحثين في تأثير وعلاج السحر والعين والحسد والمسّ، إضافة
إلى علاقة الطب بمعالجي الصرع والسحر والعين بالرقية مع أهم الفروقات بين الأمراض
النفسية والأمراض الروحية، وتم التركيز أيضا على أبرز أخطاء بعض المعالجين من
مخالفات وممارسات، وتنبيه العامة والتحذير من الخلط بين الرقاة الشرعيين والرقاة
النفعيين وبين الكهنة والسحرة وذلك بتوضيح العلامات التي يُعرفون بها مُدّعي الرقية
الشرعية المتخذين ثوب الدين وسيلة لأكل أموال الناس بالباطل وتداركا لوقوع بعض
المرضى ضحية هذا الخلط
الذي تُستغل
فيه عقولهم الغافلة، وخصصنا قسماً خاصاً للتداوي جمعنا من خلاله وصايا هامة باتخاذ
الأسباب الحسّية المباحة في العلاج والاستشفاء مساعِدة بإذن الله تعالى مع الرقية
الشرعية، من أجل تقوية النفس البشرية وتحصين دفاعاتها مقرونة بطرق الوقاية والعلاج
ومستشهدين بأدلة شرعية وأقوال العلماء والفقهاء والباحثين في هذا المجال، كما تم
تلخيص وسائل معرفة شفاء المريض ومفارقة الأرواح الخبيثة من الجسد بإذن الله، مع شرح
مستفيض عن مفهوم الابتلاء من الله
عز وجل
،
وتم أيضا تسليط المجهر على الأخطاء والاعتقادات الشائعة التي يقع بها عامة الناس
وذلك لتحذير كل مسلم من إتباع بعض العادات والبدع السيئة التي تمس عقيدته وتوقعه
أحياناً في الشركيات دون أن يعلم.
وغالباً في ختام كل مبحث تم عمل تنويه على جانب كبير من الأهمية، من خلال سرد
التفاصيل الدقيقة لكل موضوع، والأستشهادات الموثّقة من مصادرها، وخاصة في مبحث
«السحر» «والعين والحسد» «والتداوي»، الغرض منه فتح نوافذ ضوء للقارىء.. لتعزيز
الوعي وطرد وساوس الشياطين والحد من تهويل الأمور وتعظيمها، من الذين يفترون ويفتون
بغير علم شرعي، فعندما يتشبع المستشفي بالمعلومة يتبين له أسباب تلك الأمراض التي
تأتي من تسلّط الجن والشياطين على الإنس فيأخذ الحيطة والحذر ويتداوى بإتخاذ كل
وسائل الاستشفاء والتحصين الشرعية من القرآن الكريم والسنّة النبوية، {لَّئِنِ
اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ
لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا}(2)، لم
يفوتنا في هذا المضمار عمل مبحث لأذكار الصباح والمساء وبيان فضلها والمعوذات
اليومية الواقية المحصنّة بإذن الله تعالى والثابتة الصحيحة عن النبي
ع،
ومبحث خاص بأدعية القرآن الكريم تم عنونتها بـ (من خير الدعاء)، إضافة إلى مبحث (من
خير المسألة) شملت دعوات مأثورة وجامعة من خير الدنيا والآخر، ولهذا حاول هذا
الكتاب الذي بين يديكم استخلاص الآيات القرآنية وتفنيدها.. معتمدًا أولا على
الكلّية في القرآن ككلامٍ
الله
سبحانه وتعالى
والسنّة النبوية مدركين أنهما أكثر من أن يستخلص أو يختصر أو حتى يصنّف بشكل دقيق،
حتى وإن اجتهدنا في ذلك معتمدين على الآراء المتناثرة لعلماء الرقية وبعض ما
تتضمنها من وصايا وإرشادات من هنا وهناك.. لوقاية الإنسان وحفظه بإذن الله تعالى..
سائلين المولى
جل وعلى
أن تجدوا فيه الفائدة وأن يجد القبول والمبتغى والمعرفة، وأن يساهم بجهد المقل على
نشر الوعي الديني والعقلي للناس بما تطمئن بهم أنفسهم، وما يقيهم شرور الشياطين وما
يخرجهم منها معا.. أما قال الله تعالى في كتابه العزيز: (
أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ۖ وَيُخَوِّفُونَكَ
بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ ۚ وَمَن يُضْلِلِ
اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ)3.
إن أصبت فمن الله وحده والحمد لله.. وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان فأستغفر الله.
اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
نوف محمد الثنيان
=-=-=-=-=-=-=-=-
(1)
اشادة الشيخ الدكتور إبراهيم بن محمد البريكان الأستاذ المشارك بقسم الدراسات
الأسلامية في كلية المعلمين في الدمام في تقديمه أولى كتب الموسوعة.
(2)
سورة الإسراء، الآية: 88 .
(3) سورة الزمر، الآيتان: 36 - 37.
الخاتمــــة
بسم الله الرحمن الرحيم أولاً وآخراً، وبعد..
الاجتهاد في هذا البحث ماهو إلاّ محاولة لنشر الوعي الشرعي بين الناس في هذا المجال
وذلك للاستشفاء بكتاب الله العزيز لكثير من الأمراض العضوية التي تنتج أحياناً من
أذى المس والحسد والعين والسحر خاصة.. مع التنبيه والتشديد على أن يكون جلّ
الاهتمام بكيفية العلاج دون ضياع الوقت وتشتيت الجهود في التحليل والبحث عن الأشخاص
والأسباب التي آلت إليها الحالة خاصة في حالات السحر، فقط نلتفت للرقية الشرعية
والوصايا الهامة والمساعِدة في العلاج بإذن الله تعالى، وينبغي أن يعي الراقي
والمريض أنه من غير حسن الظن بالله واليقين الذي ينبع من الإيمان الخالص له، هو نسف
لأي جهد يُبذل لهذه الغاية، قال الإمام أحمد: (التوكل عمل القلب) وقال أيضاً:
(وجملة التوكل تفويض الأمر إلى الله جل ثناؤه والثقة به). والله
سبحانه وتعالى
قال في كتابه العزيز: {
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ
}(1).
وقال
عز وجل
: {
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا
ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ
قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ
آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا
وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ
}(2).
وقد ورد في السنّة عظم منزلة التوكل ما رواه أحمد قال
صلى الله عليه وسلم
:
(لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير
تغدو خماصا وتروح بطانا). ومع التوكل يحتاج
المريض إلى الصبر {
وبشر الصابرين
}(3)
والاحتساب والتوجه إلى الله
سبحانه
بالذكر والدعاء لرفع البلاء والمعاناة للمضي قدما نحو الشفاء بإذن الله تعالى
الشافي المعافي. مع أهمية التنويه والتحذير من مشورات بعض الرقاة الغير مؤهلين
والذين نصّبوا أنفسهم أطباء أعشاب كطب بديل لأمراض مستعصية وتساهلوا بتزكية أنفسهم
كــ رقاة شرعيين وأسرفوا في توزيع الوصفات المركّبة الخاطئة واستثمارها في تجارة
بيع الوهم ومزاولة تلك الأعمال في محلات عطارة خاصة بهم حتى أصبحوا يمتلكون فروع
لتلك المحلات ومندوبين بالقراءة
عنهم وبيع الأمل الذي يحتاجه المريض في بركات نفثهم في الماء والزيت للمعيونين
والمسحورين! إضافة إلى بعض الكريمات الخاصة بالصداع وألم المفاصل وغيرها مستغلين
العقول التي غفلت عن البحث عما ينفعها من كتاب الله وسنّة رسوله الكريم
عليه الصلاة والسلام
.
لا نعلم والله.. كيف للمريض أن يضع حياته في محك مجهول بإقتناء أدوية شعبية من
هؤلاء الباعه والتي قد تؤدي إحدى الجرعات الزائدة من أخطاء الوصفات أو كيفية
تعاطيها للوفاة أحياناً بدون أدنى معرفة أو اكتراث بالسجل الطبي للمشتري والتي قد
تتعارض تلك الوصفات مع ما يعانيه المريض من أمراض قد تكون بسيطة في بداية الأمر
فتسبّب له مضاعفات تفضي إلى ما لا يحمد عقباه.. في واقع مرّ وهو غياب رقابة الجهات
المختصة.
كيف للناس أن تثق بنفث هؤلاء وإخلاصهم أو بقراءتهم أصلا إن كان فعلاً تمت القراءة
والنفث.!؟ خاصة على ماء زمزم الذي يباع في عبوات خاصة في بعض المحلات أو من قِبل
الباعة الجائلين بزعم القراءة عليه.
كيف لهم إيذاء أنفسهم بأنفسهم وعندهم كتاب الله أولاً.. فهنالك الكثير من الآيات
القرآنية العظيمة والأحاديث النبوية ثانياً.. وأيضاً المحافظة على الأذكار اليومية
في الصباح والمساء التي تُعتبر حافزاَ للمبتلى بأحد الأمراض الروحية في البدء
بخطوات الاستشفاء بحول الله وقوته من خلال الرقية الشرعية وعن طريق وصايا هامة في
التداوي من السنّة النبوية وإتخاذ الأسباب الحسّية المباحة في العلاج والاستشفاء من
مصادر موثوقه ومعتد بها وخاصة ما تأكّد منها في بعض ما كتبه الفقهاء وفتاوي علماؤنا
الأفاضل رحمهم الله وحفظ لنا من تعلّم منهم ونفع بعلمهم.. والذين تم التطرق
لأسمائهم في طيات هذا البحث.
سر الشفاء - بإذن الله .. في نسف المخاوف نهائياً والثبات والاطمئنان باستشعار
الرحمة والقرب والنصرة والثقة بالخالق المعين الشافي المعافي وحده سبحانه وتعالى.
قال الله تعالى في كتابه العزيز: {
الَّذِينَ
قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ
فَاخْشَوْهُمْ
فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ
الْوَكِيلُ
(173)
فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ
يَمْسَسْهُمْ
سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ
(174)
}(4).
{يعِدُهُمْ
وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا
غُرُورًا
}(5).
{
إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ
كَانَ
ضَعِيفاً
}(6).
{
وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ
}(7).
{
انهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً (15) وَأَكِيدُ كَيْداً (16) فَمَهِّلِ
الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً
}(8).
صدق الله العظيم وصدق رسوله المبلّغ الأمين.
كل ما سبق من الآيات كفيل بزرع السكينة والطمأنينة واليقين والثبات للمبتلى بأحد
الأمراض الروحية من مس وعين وحسد وسحر وعلاجه بإذن الله تعالى.
وقد كان نبي الله موسى في خطر،
البحر أمامه «العدو وراءه» أرتعب من معه:
{
إنّا لمدركون
}(9).
قال في سكينة الواثق المطمئن «رغم حالة الاضطرار» قائلا:
{
قال كلا إن معي ربي سيهدين
}(10).
هنا استحق الجزاء بهذا الهدوء والسكينة والاطمئنان واليقين والإيمان القوي أن يشق
له البحر!!.
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، اللهم نسألك التوفيق في الأعمال كلها، وصدق
التوكل عليك وحسن الظن بك يا أرحم الراحمين.
وقانا الله وإياكم من الشيطان وأعوانه يـــا رب العالمين.
والحمد لله والصلاة والسلام على سيد المرسلين سيدنا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين.
نوف محمد الثنيان
=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=
(1)
سورة الطلاق، جزء من، الآية: 3.
(2) سورة الأنفال، الآية: 2.
(3) سورة البقرة، جزء من الآية: 155.
(4)
سورة آل عمران، الآيتان: 173، 174.
(5)
سورة النساء، الآية: 120.
(6)
سورة النساء، الآية: 76.
(7)
سورة الآنفال، الآية 30.
(8)
سورة الطارق، الآيات: 15، 17.
(9)
سورة الشعراء، جزء من الآية: 61.
(10)
سورة الشعراء، الآية: 62.
إصدارات أخرى للكاتبة
جميع إصدارات الكاتبة
متوفرة في كل فروع مكتبة
جرير
بالمملكة
ومتوفر
أيضاً في
المكتبات التاليه
في الرياض
(
مكتبةدار
المناهل بكل فروعها
,
مكتبة دار الفلاح
,
مكتبة الداود بفرعيها
,
محبرةالطالب - البديعة
,
مكتبة مكتبتكم
,
عالم القرطاسية
,
مكتبة خالد شامان
"2" ,
مكتبة المحسن للكتاب
,
مكتبة دار القافية
. مكتبة الضحيان )
جده
( مكتبة دار الثقافة , مكتبة الأسواق
السعودية )